تمظهرات العقل العربي في فكر محمد عابد الجابري

Loading...
Thumbnail Image

Date

2019-06-24

Journal Title

Journal ISSN

Volume Title

Publisher

جامعة محمد بوضياف بالمسيلة كلية العلوم الانسانية والاجتماعية

Abstract

شهدت الثقافة العربية الإسلامية حراكا فكريا انطلقت إشعاعاته منذ منتصف القرن العشرين وقد تمثل ذلك الحراك في بلورة العديد من المفكرين والباحثين لمشاريع فكرية ورغم أن هدفها كان مشتركا و تمثل في كيفية تحقيق شروط النهضة لهذه الأمة وإيقاظها من سباتها ، إلا أنها تباعدت و تباينت على مستوى المفاهيم و المناهج ولعل السبب الأبرز وراء هذا الاختلاف يكمن في اختلاف مرجعياتها ، وهذا من شأنه أدى إلى تمايز طرق التحليل والتفسير . و هوما جسده المفكر محمد عابد الجابري من خلال "رباعية العقل العربي " والتي تضم تكوين العقل العربي (1982) و بنية العقل العربي (1986) والعقل السياسي العربي (1990) و العقل الأخلاقي العربي (2001) و لو أنه كان سبق أن مهد للمشروع بإثارة قضايا مهمة في ثنايا نحن والتراث (1980) والخطاب العربي المعاصر (1982) و غيرها من الأعمال التي حاول من خلالها التطرق لمختلف قضايا التراث التي هي قضايا العقل العربي نفسه . فقد انتهينا إلى جملة من النتائج لعل أبرزها: حدد الجابري غايته من نقد العقل العربي بأنها إبستمولوجية لا ايديولوجية اختار الجابري عصر التدوين كإطار مرجعي لتشكل العقل العربي وذلك للأسباب التالية: * شهدت الثقافة العربية أول تخطيط شامل لها حيث تم رفع اللغة العربية إلى مستوى اللغة القابلة لأن تتعلم بأساليب علمية و عملية ، الأمر الذي لم يكن متوافرا في العصر الجاهلي . * أعيد بناء العصر الجاهلي : أدبه ، أخباره و أيامه . * تم تدوين العلوم الإسلامية من حديث و تفسير و فقه و تنظير للعقيدة الدينية . * كما تم بفضل الترجمة دمج الثقافات الأجنبية سواء كانت بابلية أو فنيقية أو يونانية أو سريانية أو مصرية في الثقافة العربية الإسلامية . من خلال نقده للعقل العربي ميز بين نوعين من العقل : عقل نظري ، و عقل عملي ، أما النظري فيظم ثلاثة أنظمة معرفية هي : البيان ، العرفان و البرهان * النظام المعرفي البياني تحمله اللغة العربية ، و يضم العلوم العربية الإسلامية النحو ، و اللغة و الفقه والكلام و البلاغة . أهم ما يميزه أن يكرس رؤية للعالم قائمة على الانفصال و اللاسببية .أما المنهج المعتمد فهو قياس الغائب على الشاهد أو الفرع على الأصل . * النظام المعرفي العرفاني : و يمثله الفكر الشيعي و الفلسفة الإسماعيلية خاصة إضافة إلى التصوف و كل التيارات الإشراقية و العلوم السرية من كيمياء و تنجيم وسحر . رؤيته للعالم ترتكز على المشاركة و الاتصال و التعاطف . أما المنهج الذي يعتمده فهو الاتصال الروحي المباشر بالموضوع و الاندماج معه في وحدة كلية . * النظام المعرفي البرهاني : ارتبط بالترجمة و تمثله العلوم ، الفلسفة اليونانية كما صاغها أرسطو . أما رؤيته للعالم فتقوم على فكرة السببية . أما المنهج الذي يعتمده فهو عقلي حيث ينطلق من مقدمات تكون من وضع العقل إلى نتائج تلزم عنها بالضرورة . وقد قسم البرهان إلى مدرستين : مدرسة المشرق حيث كانت لحظة ميلاد العقل الكوني مع الكندي غير أن هذه اللحظة تم القضاء عليها و هي في المهد بفضل فلسفة الغزالي الصوفية فلسفة ابن سينا الاشراقية ونجد الجابري لا يخفي مقته و نقده اللاذع لفلسفة هذا لأنها في نظره هي من تسببت في استقالة العقل العربي. وعلى خلاف مدرسة المشرق فإنه يرى في مدرسة المغرب أحسن من عبر عن البرهان و قد اتخذ من فلسفة ابن حزم الظاهريه منطلقا له مرورا بأعمال كل من ابن باجة و ابن طفيل والشاطبي وابن خلدون وابن رشد هذا ما جعله يقول بفكرة القطيعة بين مدرسة المشرق ومدرسة المغرب . غير أن هذا المشروع الذي حملته مدرسة المغرب لم يصمد طويلا ليتهاوى بفضل انتصار العرفان " الهرمسي " أو العقل المستقيل على البرهان مرة أخرى أما إذا انتقلنا إلى العقل العربي العملي ، فقد وجدنا الجابري يتحدث عن عقل قلق ومتصارع في مكوناته ، و تجلياته ، فالسياسة العربية ارتبطت منذ بدايتها بالدين وقد حكمتها في ذلك ثلاث محددات هي : القبيلة ، الغنيمة ، العقيدة ، وهذه المحددات بدأت مع تدشين الدولة الإسلامية ، ولا زالت قائمة إلى اليوم . وللتخلص من هذه المحددات يقترح الجابري خلق فضاء سياسي ديمقراطي ليبيرالي معقلن . أما في مجال القيم الأخلاقية العربية فقد كانت حلبة صراع بين أخلاق الطاعة وأخلاق السعادة وأخلاق الفناء ، و أخلاق المروءة ، و أخلاق الدين . وهنا نجد الجابري يطالب بضرورة العودة إلى أخلاق المنفعة " نظرية المصالح للعز بن عبد السلام " كما رسمها الاسلام من خلال الإيمان و العمل الصالح . وكأي مشروع فكري فإنه كان لابد من أن لا يلقى قبولا و ترحيبا من طرف الجميع ورغم أنه مشروع نقدي إلا أنه لم يسلم من النقد حيث استطاع طرابيشي ان يحفر في هذا المشروع ليخرج عيوبه و نقائصة . وفي الأخير لا يسعنا إلا القول أن مشروع الجابري في نقد العقل العربي يمكن أن نصنفه ضمن المشاريع العربية الكبرى ، لقد تتبع مختلف المراحل التي مر بها العقل في تطوره منذ لحظة ميلاده إلى غاية لحظة استقالته , تحليلا و نقدا ، محاورا مختلف شخصياته التي أسهمت في تكوينه . ومادامت النسبية هي من أهم خصائص المعرفة الإنسانية فإن رؤية الجابري تبقى هي الأخرى نسبية . وسنختم هذا البحث وفكرنا مشغول بجملة من الأسئلة : ما هي القيمة النظرية و العملية لهذا المشروع ؟ لماذا لم يتحقق هذا المشروع النقدي على أرض الواقع ؟ والجابري يعطي حلا للخروج من هذه الأزمة و ذلك من خلال تجديد العقل العربي والتخلي عن الفهم التراثي للتراث أي التحرر من الرواسب التراثية في عملية فهمنا للتراث و على رأس هذه الرواسب التيار الفقهي - الكلامي في صورته الآلية اللاعلمية وهنا دعوة صريحة للاستفادة مما أنتجته الثقافة الغربية من أفكاره و مناهج

Description

Keywords

العقل الكوني، العقل العربي، العقل المستقيل، البيان، العرفان، البرهان، العقل السياسي، العقل الأخلاقي

Citation

Collections