العقل عند القديس أوغسطين

Loading...
Thumbnail Image

Date

2017-05-20

Journal Title

Journal ISSN

Volume Title

Publisher

كلية العلوم الانسانية والاجتماعية جامعة محمد بوضياف بالمسيلة

Abstract

و نخلص من كلّ هذا بأنّ البحث الذي قمنا بإنجازه قد ضمّ العديد من النّتائج التي يوصلنا إليها أهمّها على الإطلاق : بأنّ القدّيس أوغسطين قد بدأ مساره الفكري من تعلّقه بالمانوية من ثمّ مذهب الشّك ، لكن ما يستدعي الانتباه و يثير الاهتمام هو تعلّقه بالأفلاطونية المحدثة التي برز من خلالها كفيلسوف و قدّيس و من ثمّ بد أ يبرز مسألة العقل في العديد من المواضيع حيث وجد بأنّ فيها إشباعا لنزعته العقلية وصل من خلالها إلى المسيحيّة لأنّ الأفلاطونية تعني دينا مفلسفا أو فلسفة دينية ، و بهذا فإنّ أوغسطين يفضّل تلاميذ أفلاطون كونهم ناقشوا مسألة أنّ الله خالق كلّ شيء و ذلك في كتابه مدينة الله. و بالتّالي نجد بأنّ أفلاطون و أفلوطين يرون بأنّ أوّل الموجودات هو الخير و ثانيها هو العقل ، و من ثمّ النّفس التي لديها ملكة عقلية تعرف من خلالها الله ، و بهذا فإنّ العقل في المسيحيّة يدلّ على الغريزة العقليّة ذاتها و تعمل بنمطها البشري و الاستدلالي . بالتّالي إنّ كلاّ من القدّيسين و الفلاسفة لا ينفون دور العقل لكن في العديد من المرّات يوجد إتّفاق بينه و بين الإيمان ، و في بعض المسائل نجد بأنّ هناك تناقضا ، و بالتّالي للعقل مكانه الخاص و حدوده و أنّ للإيمان مكانه و حدوده اللاّهوتيّة ، أمّا آباء الكنيسة فيرون بأنّ العقل يجب أن يعمل في جدود اللاّهوت و لا يخرج عن ذلك ن و أمّا أبيلاردس فيرى بأنّ الإيمان بحاجة للعقل دائما ، و أرجين يرى أنّ النّقل يصدر عن العقل الحقّ ، و العقل لا يصدر عن النّقل أبدا ن أمّا الاكويني فيرى أنّ لكلّ إنسان عقل بالفطرة يستخدمه في العديد من المسائل ، و بالتّالي نكون قد أخطأنا إذا فكّرنا أنّنا نستطيع تقويم فلسفة أوغسطين بعيدا عن فكره اللاّهوتي ، فالعقل في حدود الإيمان عند أوغسطين فالعقل يعجز عن بعض الأمور لذا يلجأ إلى الوحي ، لكن العقل يسبق الوحي فقط لكي يتعقّله و لا يبقى إيمانا ساذجا بل عقليّا ، كما ،ّ الإيمان لا يوجد إلاّ في العقل ، فالإيمان قبول عقلي لحقائق الدّين . كما يرى أوغسطين بأنّ مسألة العقل تتدخّل في معظم المسائل الأخرى كنشأة العالم. و ذلك حينما يتدبّر العقل في خلق الله للمخلوقات و للأرض و السّماء و البّحار ، فأوغسطين كان يفكّر بعقله مليّا لكي يسأل نفسه من خلق العالم ، و كيف ذلك و متى حدث ذلك حتى يتوصّل إلى أن يسأل المخلوقات من خالقها و هي تهتف بأنّ الله خالقها. و الله هو أصل المعارف و أوّلها، كما أوغسطين يرى بأنّ المعرفة العقليّة أجدر من المعرفة الحسّيّة من ناحية حكمها على المعارف ، لكن إذا تجاوز العقل نفسه يصل إلى معرفة أرقى و هي معرفة الله ، و إنّ أوغسطين يرى أنّ الحائق الثّابتة و المعارف اليقينيّة ليست أدنى من العقل ، فلو كانت كذلك لفرض عليها أحكامه ، كما أنّها ليست مساوية له ، بل صادرة من عند الله ، و أهمّ ما توصّل له أوغسطين من حقائق يقينية هي : ( إثبات وجود النّفس، إثبات وجود الله ، إثبات وجود العالم ). و إنّ الفكر السّياسي و الأخلاقي لدى أوغسطين جاء ليحمي حياة البشر و يبقى على العدالة التي تعدّ قيمة أخلاقيّة عظمى و نظام للحكم السّياسي الجديد. و بذلك فإنّ أوغسطين يرى بأنّ الله هو مصدر السّلطة ، بل هو السّلطة العليا . و بالتّالي فإن القانون الأزلي هو الأصلح لدى أوغسطين و هذا يعني الدّولة تخضع للكنيسة ، كي يعمّ السّلام ، أمّا القانون المؤقّت فهو غير صالح لأنّه يحكم على الأمور الظّاهرة ، لكن لا يعلم الخفيّة بعكس القانون الأزلي الصّادر عن الله و يصلح في مدينة الله لا في مدينة الأرض ، و بالتّالي فالمثل الأعلى للسّياسة لدى أوغسطين إلى مشكلة الخير و هو قانون إلهي ، و الشّر هو خروج عن إرادة الله، و العدالة و الفضيلة هما قيمتان أخلاقيّتان ، و أنّ الفساد الأخلاقي يؤدي بالدّولة إلى الهلاك. كما أنّ الأثر الذي تركه أوغسطين في الفلسفة كان له أثر بارز على أنسلم الذي يرى بأنّ الإيمان يبحث عن العقل ، و أنّ الله هو حقيقة الحقائق و من ثمّ يرى أنّ الاستقامة هي نفسها العدالة التي دعا إليها أوغسطين . و أنّ أنسلم يرى أنّ الوحي يأتي دفعة واحدة ، لكن العقل له دور مهمّ فهو يكشف لنا الحقائق عبر العصور ، فلكلّ عصر حقائق و معارف جديدة يكشفها العقل فقط ، كما يرى مثل أوغسطين بأنّ العام خلق من عدم. و أثر أوغسطين قد طال بونافنتورا أيضا بحيث يرى هذا الأخير أنّ الفلسفة يجب أن ترتبط باللاّهوت ن و يقصد هنا أنّ الإيمان و العقل لهما دور مشترك و مكمّل لبعضهما تارة و تارة أخرى يحدث لهما انفصال ، بحيث هناك مسائل تخصّ العقل فقط و مسائل أخرى تخصّ الإيمان وحده ن و بالتّالي إنّ الإيمان أوّلا و العقل ثانيا ن و هذا في مسألة التّعلق باليقين ، أمّا العقل في مسألة وضوح اليقين فيأتي فيها العقل أوّلا و الإيمان أو النّقل ثانيا ، كما أنّ بونافنتورا يرى أنّ الله هو أصل المعرفة و هو حقيقة الحقائق و الله حاضر في النّفس دائما ، بمعنى أنّ الله حقيقة فطريّة في عقل كلّ إنسان و يرى أنّ العالم خلق من عدم. أّما عن ديكارت فهناك جدليّة في التّأثير بحيث يرى البعض بأنّه لا يمكن أن يصل تأثير أوغسطين إلى ما بعد العصور الحديثة و بعد الفلسفة الحديثة و لا يطال ديكارت الذي بدوره يقول بأنّه غير متأثّر بأوغسطين ، و ينكر كلّ هذا و لكن الكوجيتو الأوغسطيني كان سابقا على الكوجيتو الديكارتي و هذا ما يدعوا للحيرة لأنّ الكوجيتو الدّيكارتي يشبه كثيرا الكوجيتو الأوغسطيني. كما أنّ تشابه كلّ منهما في مسالة الشّكّ أمر يثير الاهتمام ، و نجد أوغسطين مشابه لديكارت في مسألة أوليّة العقل في الحقائق الثّابتة خاصّة المسائل الرّياضيّة.

Description

Keywords

العقل -القديس -غسطين

Citation

Collections