العناية الإلهية في التاريخ عند القديس أوغسطين
Loading...
Date
2017-05-14
Authors
Journal Title
Journal ISSN
Volume Title
Publisher
كلية العلوم الانسانية والاجتماعية جامعة محمد بوضياف بالمسيلة
Abstract
الفصل الأول : الذي جاء بعنوان التأويل اللاهوتي للتاريخ في الديانة المسيحية وأدركنا من خلاله أن العصور الوسطى كان لديها اهتماما كبيرا بالعديد من المجالات ، و خصوصا اهتمامها بالتاريخ و كذا اهتمامها بفكرة جد مهمة ألا و هي العناية الإلهية ، لأن العصور الوسطى كان لديها حس تاريخي و هذا الحس ناتج من الغاية التي يسعى إليها الإنسان ، ألا و هي الوصول إلى الله و الجدير بالذكر هنا أن المسيحية كانت ترجع كل الأمور إلى القدر و المكتوب ، فالتاريخ آنذاك كان قدريا حيث لا تنسب الأحداث لغير الله ، فهو الذي يتحكم في بنائها ، إلا أن أهم ميزة تقول بها الديانة المسيحية في تفسيرها للتاريخ و هي مولد السيد المسيح و من هنا آمنوا بأن محبة المسيح هي مفتاح للتاريخ ، ففكرة العناية الإلهية سادت معظم الحضارات القديمة ، لكن بظهور المسيحية أخذت طابع مسيحي ، لأن النشاط الإنساني بمجمله تسيره العناية الإلهية ، ولأن جميع أعمال الإنسان ما هي إلا أدوات في تنفيذ مشيئة الله ، و عليه فإن الإنسان في ظل العناية الإلهية فهو مسير و ليس مخير ، أي لا يستطيع صنع تاريخيه ، و ذلك لأن هته المهمة لا تنسب إليه ، فهي تنسب إلى إرادة عليا أكثر مقدرة منه ، لذا فإن الديانة المسيحية ترفض القول بأن العناية الإلهية موجهة لأمة أو شعب بعينه ، بل هي شاملة لكل الشعوب ، و لا يوجد شعب اصطفاه الله على شعب آخر ، و عنايته شاملة لكل الأمم و ليست موجهة لفئة من الشعوب .
الفصل الثاني : بعنوان تطور رؤية أوغسطين للتاريخ والذي عرضنا فيه أن القديس أوغسطين أعطى أهمية كبيرة في توضيحه لمصطلح التاريخ، بحيث أن هذا الأخير كان يحمل طابع ديني أكثر من ما هو طابع تاريخي ، إذ يعرف التاريخ على أنه ذلك الذي يدرس العلاقة بين كل من المؤقت والأبدي أو بالأحرى تلك العلاقة القائمة بين المدينتين مدينة الأرض ومدينة السماء ، وبذلك عبر في كثير من المواضع في كتبه عن منطلق المدينتين ، فأوغسطين بدوره حاول أن يدرس الكتاب المقدس ، انطلاقا من الأحداث الموجودة فيه وبذلك حاول جاهدا الدفاع عن الكتاب المقدس وإثبات جلاله وذلك من خلال تغطية كل الأخطاء وصد مختلف الانتقادات الموجهة له ، وهو من خلال منهجه في دراسة الأحداث التاريخية ، اكتشف بعض الثغرات وكذا عن أحداث غير مرتبة وكذلك عن بعض الانتقادات ، إلا أنه لم يتخلى عن الكتاب المقدس وأقام حجج من شأنها أن تحافظ على قدسيته ، وذلك ناتج من خلال فهمه لمختلف الأحداث الباطنية من خلال منهجه في التأويل الذي أدرك بأن الفهم الظاهري للكتاب سيعطي انطباعات سيئة عنه ، وذلك ما حصل معه بحيث أنه عندما اطلع أول مرة عن الكتاب سخر منه ولم تعجبه التعابير الموجودة فيه وقال بأنها ليست في مستوي بلاغة شيشرون ، فلما اكتشف الحقائق الخفية في الكتاب وذلك بفضل التأويل ، غير نظرته فأصبح متمسكا في الكتاب المقدس أكثر ، وبذلك أقر أوغسطين بضرورة الالتزام بالكتاب والعمل بما فيه من أمور وترك المعاصي وتجنب الجسد والنفس والتوجه إلى الله وذلك بإطلاعنا الحثيث عليه ، بغية الفوز بالراحة في اليوم الآخر ونيل السعادة الأبدية الخالدة .
الفصل الثالث : بعنوان محرك التاريخ عند القديس أوغسطين والذي أدركنا من خلاله أن محرك التاريخ ، هو الله ووسيلته في ذلك اللطف وذلك ما أكده من خلال مفاهيمه في الجزاء والقدر وعلمه المسبق ، ولا وجود لآخر يساعده في ذلك ، فإرادة الله تفوق كل شيء ، في حين أن الإنسان له حرية اختيار وهته بدورها لا علاقة لها بالتاريخ وبالكون ، فكل شيء حاصل في الطبيعة هو تنظيم من الله ، فبفضل علمه المسبق ، الذي من خلاله يقدر ما يكون عليه كل إنسان ، إذ أن هذا الأخير يجب أن يخضع للقدر المكتوب له ، إضافة في هذا الفصل تناول أوغسطين موضوع الخطيئة أي خطيئة آدم ، فالخطيئة بحسب نظره هي التي أنقصت من حرية الإنسان ، إلا أنه بمجيء السيد المسيح سيتخلصون منها نهائيا على أمل السمو والوصول إلى الخلاص ، فأوغسطين عندما قام بشرح رسالة يوحنا الأولى، أقر بأن كل البشر بفضل السيد المسيح كما ذكرت تخلصوا من الخطيئة إذ أنه أتاهم بوصية جديدة لا يجب التعدي عليها ، لأنه لو تم التعدي عليها ، لنشأت خطيئة أخرى ، وهته الوصية هي احترام وعدم التعدي على وصية السيد المسيح ، إذ أمرهم بفعل المحبة ، وهذا بدوره سيقودهم إلى اليوم الموعود وهو يوم راحة الرب والتمتع بالخلاص .
من أهم النتائج التي توصلت إليها :
- إن نظرة أوغسطين للتاريخ هي نظرة لاهوتية بالدرجة الأولى ، وحجته في ذلك وهو أنه لولا العقيدة لما عرفنا تاريخا عالميا موحدا لكل الإنسانية ، فالعقيدة وحدها هي التي تكشف عن مسار التاريخ وغايته وبهذا فالتاريخ علم خادم للعقيدة والعقيدة مفسرة للتاريخ ، والحقيقة التاريخية هي التي تكون في الكتاب المقدس ، إلا أنه لم ينسى الجانب الفلسفي ، وذلك ما يظهر لنا من خلال نظريته في العناية الإلهية التي كانت تمزج بين الرؤية الدينية والحجة العقلية ، فعندما نؤمن بأن الله بفعل عنايته في التاريخ ، وبجانب إيماننا بكتابه ، سيعطى لنا الحكمة وينير لنا عقولنا لأن رأس الحكمة مخافة الرب كما كان يقول أوغسطين ، والحكمة لا توجد إلا عند الله ، فالإيمان به يقودنا إلى السعادة والسلام الأبدي ، وذلك من خلال عدم التعدي على وصية المسيح التي بعث من أجلها ، لأن السيد المسيح سيخلصنا من الخطيئة الأصلية التي ارتكبها آدم ومن هنا يقودنا إلى الخلاص والراحة في الرب .
- إن الاستعانة بمفاهيم القديس أوغسطين اللاهوتية مثل "الخطيئة الأولي" و"مفهوم الجزاء" ، "إرادة الله وإرادة الإنسان" "مفهوم علم الله المسبق" وكل هته المفاهيم من شأنها أن تكشف لنا عن نظرته اللاهوتية للتاريخ ، بحيث أن الله بفضل علمه الأزلي جعله يتصور كل ما سيحدث ، وذلك وفقا لخطة إلهية أقرها الله وحده.
- إن التاريخ يعيد نفسه فكرة خاطئة في نظر القديس أوغسطين وفي نظر أنصار العناية الإلهية على العموم، لأننا لو سلمنا بهذا ، سيختفي مفهوم المسئولية والقدرة على اتِخاذ القرارات، وبالتالي لا يوجد معنى حقيقي للتاريخ، إِنْ أحداث التاريخ سوف تتكرر من وقت إِلى آخر.كما يزعمون اليونانيون لم يدركوا أن التاريخ نفسه يقود إِلى هدف. ونظرة اليونان للتاريخ مناقضة لوجهة النظر المسيحية للتاريخ، والتي ترى أن التاريخ هو اكتمال لقصد الله ، ويتحرك إلى هدفه ، إذن التاريخ لا يعيد نفسه ، وإنما هو اتجاها تقدميا نحو الكمال ، ومن هنا فالتاريخ ينتهي بالمجيء الثاني للسيد المسيح .
- فالله من هذا هو المحرك الوحيد للتاريخ ، ولا وجود لإرادة البشر في صنع تاريخهم ، وكل ما يملكونه هو التصرف في أفعالهم ، حتى وإن هته الأفعال كان يصفها أوغسطين بأنها أفعال سيئة ، ولذا وجب التقرب من الله لنيل السعادة والخلاص .
- زمان واحد وتاريخان ، هذا ما عبر عنه أوغسطين ، لأن الزمان هو الذي يكتسب صفة الأبدية إذن من اختصاص الله ، في حين التاريخان وهما تاريخ مدينة الأرض وتاريخ مدينة السماء ، وفي هذا الزمان سيتحقق كل من مدينتي الأرض والسماء .
- إن الفوز بالسعادة والسلام والراحة في الرب يوم السبت كما يعتقدوا لابد أن يكون للبشر اهتمام بالجوانب الروحية والعيش وفقا للروح لأنها شيء أبدي على العكس من العيش وفقا للجسد والنفس فهته أشياء مؤقتة لا تمنحنا السعادة والسلام في اليوم الآخر .
Description
Keywords
الإلهية - التاريخ- عند القديس -أوغسطين