المحددات السوسيوتنظيمية وعلاقتها بتوزع السلطة التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية دراسة ميدانية على وكالات الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء بالجزائر

Abstract

المحددات السوسيو-تنظيمية وعلاقتها بتوزع السلطة التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية يعد القلق السوسيولوجي الذي يعتري الباحثين في ما يتعلق بطبيعة القرارات الإدارية على مستوى المؤسسة الجزائرية، و التي توحي في غالبها إلى تشابك و تعقد موضوع السلطة التنظيمية فيها موضوعاً هاماً للدراسات السوسيو-إدارية حين تدل بيانات و مؤشرات السلطة إلى توزُّعِها بين عديد الكتل الاجتماعية داخل التنظيم وعدم تركزها عند مستوى إداري دون آخر؛ فبين السلطة الشرعية للمدراء ورؤساء المصالح من جهة، والسلطة القانونية للنقابة من جهة ثانية، والسلطة غير الرسمية للجماعات غير الرسمية من جهة ثالثة ترتسم الهندسة البيانية للسلطة عموماً داخل المؤسسة الجزائرية رغم اختلاف وتباين نقاط إحداثيتها وسقوف منحنياتها. والأكيد حسب الرؤى الإستراتيجية للتنظيم الإداري فان لكل جماعة اجتماعية داخل التنظيم مجالاً للمناورة السلطوية تحاول فيها اكتساب هامشاً إضافياً لما تملكه من سلطة خاصة يسمح لها بالمغالبة و بسط النفوذ، مستخدمة أرصدتها الذاتية سواء التنظيمية التي يمنحها لها التنظيم البيروقراطي أو السوسيو-ثقافية كمنطلقات للفعل الاجتماعي لدى الأفراد داخل التنظيم، وهي في الأساس محددات أصيلة وواقعية تمثل نقاطاً مرجعيةً تتماهى والخط البياني للسلطة التنظيمية العامة داخل التنظيم. من هذا المنطلق انتهت إشكالية دراستنا إلى الاستفهام المعرفي التالي: هل توجد علاقة دالة إحصائياً بين المحددات السوسيو-تنظيمية وتوزع السلطة التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية؟ و الذي تفرع هو الآخر إلى الأسئلة الجزئية التالية: 01- هل توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين القواعد البيروقراطية ومحددات الأفراد السوسيو-ثقافية بممارسة السلطة الشرعية لدى عمال المستوى الأول(المدراء ورؤساء المصالح) داخل المؤسسة الجزائرية ؟ 02- هل توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين القواعد البيروقراطية ومحددات الأفراد السوسيو-ثقافية في ممارسة السلطة الشرعية لدى النقابة داخل المؤسسة الجزائرية ؟ 03- هل توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين محددات الأفراد السوسيو-ثقافية والسلطة غير الشرعية للجماعات غير الرسمية داخل المؤسسة الجزائرية ؟ كما وجهت الأطروحة فرضية عامة وثلاث فرضيات فرعية تتناسب والبناء المنهجي للدراسة هي: - الفرضية العامة: توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين المحددات السوسيو-تنظيمية وتوزع السلطة التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية - الفرضيات الفرعية: 01 - توجد علاقة ارتباطية ذات دلالة إحصائية بين القواعد البيروقراطية ومحددات الأفراد السوسيو-ثقافية و السلطة الشرعية لدى عمال المستوى الأول(المدراء ورؤساء المصالح) داخل المؤسسة الجزائرية. 02- توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين القواعد البيروقراطية ومحددات الأفراد السوسيو-ثقافية في ممارسة السلطة الشرعية لدى النقابة داخل المؤسسة الجزائرية، حيث تمارس النقابة سلطة شرعية تستمدها من قوانين وتشريعات العمل، وكذلك من تجذر البعد الاجتماعي والثقافي لأعضائها. 03- توجد علاقة ارتباطية دالة إحصائياً بين محددات الأفراد السوسيو-ثقافية والسلطة غير الشرعية للجماعات غير الرسمية التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية، حيث أن للجماعات غير الرسمية سلطة غير شرعية تمارسها من خلال أفراد تحكمهم رواسبهم الاجتماعية والثقافية. في جزئية تحديد مفاهيم الدراسة تمت معالجة العديد من المفاهيم والمصطلحات ذات العلاقة المباشرة بموضوع الدراسة كـ ؛ المحددات/ السلطة التنظيمية/ السلطة الرسمية وغير الرسمية/ الجماعات الرسمية/ النقابة/ الجماعات غير الرسمية...... ولان دراستنا خطوة في مسار التراكمية العلمية فقد تعاطت الدراسة مع دراستين أجنبيتين وست (06) دراسات وطنية كدراسات سابقة. وفي سياق المقاربات النظرية تم اعتماد المقاربة الإستراتيجية لميشيل كروزيه والثقافية لرونو سانسوليو كتوجه نظري لفهم آليات توزع السلطة التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية. في الفصل الثاني للجانب النظري للدراسة الموسوم بـ" دراسة سوسيو- نظرية للتنظيم" عالج الباحث بالسرد والتحليل الشامل مكنونات التنظيم البيروقراطية والاجتماعية، ليصل في مرحلة متقدمة إلى تناول معادلات الفعل الاجتماعي الممارس للسلطة بين شرعية الإدارة وعمومية الضبط الاجتماعي، في الفصل الثالث الذي حمل عنوان " دراسة سوسيو- تحليلية للسلطة التنظيمية " تطرقت الدراسة إلى المقاربة السوسيولوجية للسلطة داخل التنظيمات من حيث المفهوم والتأصيل والتطور، ثم العلاقة النسقية بين التنظيم والبناء الاجتماعي تحت العنوان الفرعي السلطة التنظيمية بين جدلية النسق التنظيمي و المظهر السوسيو-ثقافي. اخذ الجانب الميداني للدراسة فصلان متتاليان رابع و خامس عنونا ب:" الإطار المنهجي للدراســـــــة "و" عرض البيانات وتفسير النتائـــــج "، ولان الدراسة ذات طابع تشخيصي وصفي فقد اعتمدت المنهج الوصفي الكمي التحليلي كمنهج أصيل للدراسة، بأدواته المعروفة استمارة استبيان التي احتوت 58 بندا و دليل المقابلة الذي عالج 20 سؤالاً. فيما يخص مجتمع البحث فقد تمثل في جميع الأفراد العاملين بالهيئة الوطنية للرقابة والبناء CTC على كامل التراب الإقليمي للجزائر بمختلف مواقعهم التنظيمية ومستوياتهم الإدارية، البالغ عددهم1555، و نظرا لشساعة هذا المجتمع واستحالة اعتماد الحصر الشامل اقتضى الأمر استخدام أسلوب المعاينة المرحلية (العنقودية) التي انتهت إلى عينة نهائية متمثلة في 160 مفردة من 13 ولاية تمثل 10.28 % من مجتمع البحث . وباستخدام مجموعة من البرامج والمقاييس الإحصائية كـ : - البرنامج الإحصائي SPSS VERSION24/ البرنامج الإحصائي Microsoft Office Excel 2007/ مقاييس النزعة المركزية/ مقاييس التشتت/ اختبار مربع كاي للاستقلالية/ معامل الارتباط الرتبي سبيرمان/ معامل الارتباط بيرسون/ معامل الانحدار الخطي المتعدد/ معامل الانحدار الخطي البسيط، تمت معالجة البيانات الكمية عبر ثلاث مراحل: 01- الخصائص السوسيو-مهنية لعينة الدراسة 02- المعالجة الإحصائية لإجابات المبحوثين 03- سبر غور العلاقات بين متغيرات الدراسة. في مرحلة متقدمة من هذا الفصل تم اختبار فرضيات الدراسة التي انتهت إلى صحتها بدرجات متفاوتة، الأمر الذي ساقنا إلى القول بصحة الفرضية العامة. ولان الدراسة ذات طابع تشخيصي لا تعالج حالة باتولوجية في التنظيم فقد اكتفت بمجموعة من الاستنتاجات دون التوصيات نذكرها في : 01)- تتخذ المغالبة السلطوية بين الجماعات الاجتماعية داخل التنظيم القرارات الإدارية ميداناً لها. 02)- تتوزع السلطة التنظيمية داخل المؤسسة الجزائرية بين ثلاث أطر رئيسية: السلطة الشرعية للإدارة، السلطة القانونية للنقابات، والسلطة غير الشرعية للجماعات غير الرسمية. 03)- سعيُ الجماعات السلطوية في مغالبتها للجماعات الاجتماعية الشريكة لها في التنظيم إلى بناء استراتيجياتها السلطوية من خلال التركيز على هوامش التنظيم غير المتوقعة (مناطق الشك واللايقين) واستخدام أرصدتها الذاتية (القانونية والسوسيو-ثقافية) جعل موضوع السلطة التنظيمية من المواضيع العصية على القياس والتحديد. 04)- تتحكم في السلطة التنظيمية محددات بيروقراطية قانونية تتعلق بالتنظيم نفسه وأخرى سوسيو-ثقافية مرتبطة بالأفراد. 05)- نظريات الفعل الاجتماعي هو السياق السوسيولوجي الأمثل والبوتقة النظرية الأصلح للتعاطي مع موضوع توزع السلطة التنظيمية، حيث مؤشراتها (الممارسة والقدرة على الحشد وفرض الإرادة...) مرتبط رأساً بالأفعال الاجتماعية للأفراد التي تترجم خلفياتهم الثقافية واستعداداتهم النفسية والاجتماعية المنمطة لسلوكاتهم السلطوية. 06)- لا يمكن فهم المسار السلطوي للجماعات داخل التنظيم إلا من خلال استنطاق البناءات التقليدية المُفرزة للقيم والمعايير الضابطة لممارسات الأفراد. 07)- الهامش الأكبر للسلطة التنظيمية داخل وكالات الهيئة الوطنية للرقابة التقنية للبناء CTC الجزائر هي بيد الإدارة الرسمية والشرعية. 08)- الهامش الأكبر للسلطة التنظيمية الشرعية التي توفرها القواعد والقوانين التنظيمية للمسؤول، وفي غياب جناح سلطوي منافس جعلته في غنى عن الحاجة إلى استدعاء أرصدته السوسيو-ثقافية. 09)- احتكار المسؤولين للسلطة الرسمية أدى إلى انتشار ثقافة الولاء والخنوع و الشخصنة. 10)- القيم والمعايير التقليدية (القرابة والجهوية و الإيديولوجيا) قيم مهملة أو-في أفضل الأحوال-ضعيفة في معادلة السلطة التنظيمية (في شقها غير الرسمي) داخل الوكالات و عند كامل الجماعات السلطوية (الإدارة، النقابة، الجماعات غير الرسمية). 11)- غياب فعالية الأدوات السلطوية (الاحتجاج، الاعتصام، الإضراب...) لدى النقابة التي تخولها لها القوانين والقواعد البيروقراطية جعل منها الحلقة الأضعف في مضمار المغالبة السلطوية مع الإدارة. 12)- انضمام الأفراد للنقابة (الوحيدة بالوكالة) أساسه القيم البراغماتية (التحصن ضد قرارات الإدارة أو تحقيق مكاسب شخصية) أو قيم الزمالة (غياب قيم القرابة والجهوية والايدولوجيا ...وغيرها من القيم الكلاسيكية المعروفة لدى الباحثين). 13)- السلطة التنظيمية غير الشرعية للجماعات غير الرسمية Clan هي الوجه الأكثر غموضاً والأكثر تضارباً للسلطة التنظيمية داخل الوكالات، حيث تتمايز من وكالة إلى أخرى حسب البيئة الاجتماعية الحاضنة. 14)- الانضمام إلى الجماعات الاجتماعية داخل التنظيم هو نفس أساس انضمامهم إلى النقابة (البراغماتية والزمالة). 15)- الظروف الجيو-مهنية (طبيعة الوكالات و نوعية العاملين) لوكالات CTC أضعف البعد غير الرسمي داخلها. 16)- يوجد تحالف ضمني بين السلطة القانونية للنقابة والسلطة غير الشرعية للجماعات غير الرسمية –إن وجدت- في مجابهة سلطة الإدارة الشرعية. وفي الأخير خلصت الدراسة إلى خاتمة نهائية توجز مراحل الدراسة الإمبريقية.

Description

Keywords

Citation