ما من شك أن نُخبا من النقاد العرب قد تأثروا بالنقد الأوربي، سواء على مستوى المنهج و الفلسفة، أو الأدوات الإجرائية. ولعل مرد ذلك أن هؤلاء النقاد كانوا على قدر كبير من الثقافة والمعرفة بالآداب الأوربية الحديثة. وقد أسهم هذا العامل في إفادتهم من النقد الأوربي، ومن ثم حاولوا أن يتمثلوا فلسفة هذه المناهج المبنية على خلفيات ورؤى ومرجعيات خاصة في طروحاتها ونظرياتها وتصوراتها للظاهرة الأدبية، وعلاقتها بالنفس الإنسانية والمجتمع، أو الفن والجمال. لقد حاول فريق من هؤلاء النقاد ممن استوعبوا هذه المناهج وهضموها أن يبلوروا مفاهيمها وإجراءاتها النظرية، باعتدال واتزان وترصن، سواء على صعيد الفهم والتأويل، أو على مستوى الذوق والقراءة، فعزفوا عن تبني الأحكام الجاهزة وإسقاطها على النصوص الأدبية، ولم تستغرقهم مضامين هذه المنا هج ولا حمولاتها الثقافية حد التقليد والاجترار، ولم ينظروا إليها على أنها مرجعية كاملة ينبغي أن تكون المحك الذي تقاس به التجربة الإبداعية وليدة البيئة العربية.