أوضاع العبيد المعتقيين في العصر الوسيط بالغرب الاسلامي. Situation Des Esclaves Affranchis Au Maghreb Médiéval. Emancipated Slaves' Situation In The Medieval Islamic Western Europe

Abstract

انطلاقا من تتبعنا لحياة المعتقين يتضح لنا انخراط المعتقين في الحياة الاجتماعية للمغرب والاندلس ودخلوهم في علاقات مصاهرة مع جميع شرائح المجتمع إلا أن هذا لم يساعد على ارتقائهم، إذ ان كان ينظر اليهم بنظرة دونية احتقارية مما أذى الى وجود خط فاصل بين المعتقين والأحرار. أما في المجال الاقتصادي، ولم يقتصر دور المعتقين على المجال الحرفي، بل تعداه إلى الاشتغال في القطاع التجاري إذ أنهم كانوا يعرضون منتوجاتهم التي يقومون بصناعتها في الأسواق، قصد بيعها ومن بين هذه المنتوجات الخبز والسفنج والشواء والقدور وشعرية ومقروطورغائف وبيع أدوات الحياكة،كما أنهم كانوا يتاجرون في الحوت واللحم والمرجان والخشب،وكذا حمل السلع من بلد إلى بلد أخر. كما امتلكوا بعض وسائل العمل، مثل كراء أدوات البناء. ويدفعنا حضور المعتقين في جميع القطاعات الاقتصاديةالى القول بانهم شكلوا طاقة محركة للإنتاج والاقتصاد في الغرب الاسلامي خلال العصر الوسيط. أما في المجال الاجتماعي، لا يمكن الحديث عن إدماج كلي للمعتقين في المجتمع ولا عن تهميش مطلق،ويمكن التميز بين فئتين من المعتقين :فئة اندمجت وتمتعت مثل فئة الأحرار وكانت لها الثروة و المكانة العلمية و السياسية و فسحت لها فرصة لارتقاء الاجتماعي،بينما ظلت فئة أخري تعيش على الهامش مهضومة الحقوق. وفي المجال الثقافي، الذي كان فيه للمعتقين مكانة رفيعة بسبب تمتع بعضهم بمعرفة واسعة اكتسبوه قبل وقوعهم في الرق أو أثناءه بلغ المعتقون درجة عالية من العلم أدت بهم الى اقتحام مجال التأليف والكتابة. وكان من بين المعتقين من يتمتعون بثقافة واسعة في شتى المجالات، نظرا لكونهم تلقوا تعليما مكتملا عندما كانوا عبيدا في الاغلب، إذ سعى تجار الرقيق إلى تكوينهم من اجل بيعهم بأثمنة مرتفعة،ومثل ذلك فعل 'محمد بن الكتاني المتطبب' الذي كان يتاجر في الإماء بعد أن يعلمهن الكتابة و الإعراب وغير ذلك من فنون الأدب. بالإضافة إلى حرص السادة خاصة حكام الأندلس على تربية و تثقيف عبيدهم ليحصلوا على مستوى ثقافي لائق ارتقى بهم إلى مصاف العلماء والأدباء مثل دفع المنصور بن أبي عامر لمولاه مجاهد العامري إلى تعلم القرآن والحديث والعربية، حتى أصبحت له مكانة علمية رفيعة خاصة في علم العربية وعلم القرآن، وجمع من الكتب القيمة ما لم يجمعه أحد من نظرائه،واستمر المجاهد في نشر العلم في الجهات التي كانت تابعة له حتى فشي في جواره وغلمانه. وفي المجال السياسي، لاحظنا مشاركة فعالة للمعتقين في الحياة السياسية والعسكرية إذ برزوا كقادة سياسيين ورجال إدارة محنكين فضلا عن قيادتهم الجيوش وتحملهم مسؤوليات المواجهات الحربية كل هذا أهلهم للوصول الى السلطة. وكان للمعتقين حضورا بارزا في المجال العسكري حيث كانوا ضمن الجيش المغربي والأندلسي.إذ شاركوا في العديد من الغزوات في العهد المرابطي وأسهموا في توسيع مناطق نفوذ الدولة، مثل مشاركة القائد 'أبي حمامة مولى بن سقوط' في غزو إمارة ابن عباد في عهد الخليفة المرابطي 'يوسف بن تاشفين '. وكان المعتقونفي عهد الموحدين ينضمون إلى الجند بعد العتق مثل ضم الخليفة عبد الله الموحدي أسرى ميرقة الذين عفا عنهم.وفعل نفس الشيء الخليفة المنصورالذي ضم الأغزاز الذين عفا عليهم،كما سبق الذكر وضمهم إلى الجيش الموحدي ووضعهم على الثغور الأندلسية إذ برزوا في الأعمال العسكرية،هذا دفع الخليفة إلى توليتهم على بعض أقسام الولايات، شعبان الغزي والذي غدا واليا على بسطة. هكذا يبدو لنا جليا بأن مساهمة المعتقين الاجتماعية والاقتصادية وكذا السياسية والثقافية أدت إلى تلاقح وتمازج حضاري ترتب عنه إغناء المجتمعين المغربي والاندلسي.

Description

Keywords

أوضاع، عبيد، العتق، الغرب، الاسلامي ;

Citation

Collections