Abstract:
لقد تبین لنا من خلال د ا رستنا للاختصاصات القضائیة لوكیل الجمهوریة أنه الركیزة
الأساسیة في الدعوى العمومیة، الذي بدونه لا یمكن للمحكمة الابتدائیة أن تباشر نشاطها بشكل
عادي ومنتظم، إذ یعتبر العضو الأكثر فعالیة وأهمیة في النیابة العامة، باعتباره ممثلا للمجتمع
أمام المحاكم نیابة عن النائب العام لدى المجلس، وذلك بمطالبته تطبیق القانون بحذافره، لاقتضاء
حق المجتمع أولا وأخی ا ر.
فوكیل الجمهوریة من خلال تمكینه من أداء دوره والوصول إلى تحقیق غایته المنشودة في
اقتضاء حق المجتمع في العقاب، فیعمل من خلال عدة اختصاصات قضائیة منحها له المشرع
الج ا زئري على مستوى المحكمة والتي بواسطتها یتمتع بصلاحیات واسعة، خاصة في مجال
الدعوى العمومیة التي هي ملك للنیابة العامة وحدها، دون غیرها ولیس لها أن تت ا رجع أو تتنازل
عنها في حال حركتها هي.
غیر أن موضوع الد ا رسة بین لنا أن وكیل الجمهو ریة یملك عدة صلاحیات وسلطات خلال
مسار الدعوى العمومیة، تختلف من مرحلة تحریكها إلى مرحلة مباشرتها واستعمالها، فدور عضو
النیابة العامة على مستوى المحكمة لا یقتصر على مرحلة الاتهام فقط، بل یمتد إلى مرحلتي
التحقیق والمحاكمة، وعلیه فالمشرع الج ا زئري كرس مبدأ الفصل بین السلطات الثلاث ففصل سلطة
الاتهام عن سلطتي التحقیق والمحاكمة، وجعل لكل سلطة تستقل في عملها عن السلطة الأخرى
وذلك ضمانا لحقوق المتهم بحیث أنه لا یمكن أن یكون عضو النیابة خصما وحكما في نفس
الوقت، وإن كان نصها شریفا ی ا رعي دائما حقوق المتهمین وحریاتهم وتطبیقا لمبدأ الفصل بین
السلطات تقول أنه بالرغم من هذا الفصل، إلا أن هناك تعاون بین السلطات وهو ما وضحناه في
الفصل الثاني ومنه لكي نفى هذا الموضوع حقه، قمنا بد ا رسته والبحث فیه من خلال فصلین
تناولنا في الفصل الأول الاختصاصات القضائیة لوكیل الجمهوریة بالنسبة لتحریك الدعوى
العمومیة خلال مرحلة الاتهام.
والذي یتبناه في هذه المرحلة هو الإش ا رف على الضبطیة القضائیة وم ا رقبتهم من قبل وكیل
الجمهوریة، حیث تعتبر هذه المرحلة التمهیدیة سابقة عن مرحلة تحریك الدعوى العمومیة التي
یتولى فیها ضابط الشرطة القضائیة البحث والتحري عن الج ا رئم، لذا فم ا رقبة وإدارة الضبط
القضائي یكون دائما في إطار الدعوى العمومیة وبالتالي فلا یعد هذا العمل من الأعمال الإداریة
التي یقوم بها وكیل الجمهوریة.
ویتصرف وكیل الجمهوریة في محاضر ضباط الشرط القضائیة اعمالا بسلطته التقدیریة
في الدعوى العمومیة أما بتحریكها عن طریق احالتها إلى محكمة الجنح والمخالفات إذا كان الفعل
یكون جنحة أو مخالفة، وٕ اما بإحالتها أمام قاضي التحقیق في الجنایات.
غیر أن سلطة لملائمة التي تنفرد بها النیابة العامة، لم یتركها المشرع على اطلاقها، ذلك
أنه أ رى منح ضمانات للأط ا رف المتضررة من عدم تحریك وكیل الجمهوریة للدعوى العمومیة،
سلطة تحریك الدعوى العمومیة عن طریق تقدیم شكوى مصحوبة بالادعاء المدني لقاضي
التحقیق، كما أن السلطة التقدیریة لوكیل الجمهوریة المنبثة من مبدأ الملائمة حصرها المشرع
الج ا زئري بقیود تطلب فیها تقدیم شكوى من المتضرر، أو الحصول على اذن من الهیئة الإداریة
المختصة أو صدور طلب.
أما بالنسبة للفصل الثاني من الد ا رسة، فقد تطرقنا فیه للاختصاصات القضائیة لوكیل
الجمهوریة بالنسبة لمباشرة الدعوى العمومیة خلال مرحلتي التحقیق والمحاكمة.
فقد تبین لنا من تحلیل نصوص قانون الإج ا رءات الج ا زئیة أن المشرع منح لوكیل الجمهوریة
عدة سلطات وصلاحیات في مباشرة الدعوى العمومیة أمام جهة التحقیق والمحاكمة كإختصاص
أصیل له، إذ أن قاضي التحقیق لا یمكنه أن یباشر في إج ا رء تحقیقه إلا بصدور طلب افتتاحي
لإج ا رء التحقیق، في غیر الأحوال التي یحرك بها الطرف المدني الدعوى العمومیة.
كما یختار وكیل الجمهوریة القاضي المختص الذي یقوم بالتحقیق وبناء على هذا تمتد
اختصاصات وكیل الجمهوریة إلى مرحلة التحقیق، فیقدم الطلبات التي ی ا رها مناسبة لإج ا رء
التحقیق في الدعوى العمومیة كما له أن یحضر جمیع إج ا رءات التحقیق، وله الحق في الإطلاع
على الإج ا رءات المتخذة من قبل قاضي التحقیق.
وإذا أ رى وكیل الجمهوریة عدم ملائمة الق ا ر ا رت التي یأمر بها قاضي التحقیق، أو
الإج ا رءات التي یتخذها في التصرف في الدعوى العمومیة فله أن یطعن فیها أمام غرفة الاتهام،
باعتبار أن هذه الأخیرة درجة ثانیة في التحقیق.
أما على مستوى مرحلة المحاكمة، فقد بینا أن لوكیل الجمهوریة سلطة انهاء بعض الدعاوى
العمومیة دون إج ا رء محاكمة وذلك بالمصالحة ببینه وبین الجاني، مقابل دفع كفالة الصلح.
02 المعدل والمتمم - والجزء الثاني یكون عن طریق الوساطة التي استحدثت بموجب الأمر رقم 15
155 المتضمن قانون الإج ا رءات الج ا زئیة حیث أن وكیل الجمهوریة یجري وساطة - للأمر رقم 66
بین المتهم والضحیة التي تكون برضا الطرفین.
وأیضا ما لمساهمة النیابة العامة ودورها في تشكیل المحاكم الج ا زئیة، فلا تفتح الم ا رفعات
فیها إلا بحضورها، ولا صدور لأحكام وق ا ر ا رت ج ا زئیة بغیر حضور (وكیل الجمهوریة) في جلسة
الحكم، كما أنه لا یجوز ردها من طرف القضاء أو من ط رف باقي الخصوم، لأن المشرع أقر لها
مركز الخصم الشریف في الدعوى العمومیة، بتكریسه لمبدأ تمثیل النیابة العامة أثناء المحاكمة.
أما صلاحیة وكیل الجمهوریة في طعن الأحكام والق ا ر ا رت الصادرة عن المحاكم فاقر له
المشرع صلاحیة الطعن فیها بالاستئناف.
تطرقنا في مجال البحث عن موضوعنا لدور وكیل الجمهوریة أمام القضاء المدني التي
یكون فیها كطرف أصلي في بعض الدعاوى وكطرف منظم في الدعاوى التي یبلغونه بها.