Abstract:
إن تتبع أهمية السياسة الخارجية لأي دولة تعبر عن أهداف الدولة وهي الوسيلة التي تتحقق من خلالها
التفاعل الدولي، إذ تسعى الدولة إلى تحقيق ما تصبو إليه، وقد تسلك السياسة الخارجية مسارا من حيث
الأساليب والأهداف والأدوات وقد تغير الدولة من جها السياسي الخارجي نظرا لتغير بنية النظام الدولي أو
الظروف الداخلية لدولة بحد ذاا.
نظرا للظروف الداخلية التي عرفتها تركيا بوصول حزب العدالة والتنمية والتغيير الذي شهده المحيط
الإقليمي وخصوصا العراق، فان السلطات التركية تبنت سياسة خارجية تجاه العراق تقوم على ثلاثة محاور:
-1 المحور السياسي: من خلال بناء علاقات سياسية متينة مع العراق و الحد من النفوذ الإيراني.
-2 المحور الأمني: المساهمة في حماية الحدود التركية و العراقية خاصة قضية الإرهاب.
-3 المحور الاقتصادي: ضمان المصالح الاقتصادية المتعددة من اجل ضمان تحقيق الأهداف بعيدا عن أي توتر
اعتمدت إذ اعتمدت الدولة التركية إلى "سياسة تصفير المشاكل"مع العراق وحاولت أن تبنى علاقات بعيدة عن
أي معوقات من شاا أن تشعل فتيل التوتر بين الدولتين إلا أن بعض القضايا ضلت تلقي بظلالها على
العلاقات التركية – العراقية وتضفي في بعض الأحيان الكثير من التوتر مثل: القضية الكردية والمياه.
من خلال هذه الدراسة تم حصر أهم الاستنتاجات التالية حول السياسة الخارجية التركية تجاه العراق
وتأثير حرب الخليج الثالثة على البلدين، هاته الأخيرة التي تعد نقطة تحول جوهري لهما فيما يلي:
1 - إذا كانت تدرك القيادة التركية أن احد أهم النقاط التي يجب أن تسعى إلى العمل من أجل تركيا في
المنطقة هو تبني سلوك سياسي خارجي ينطلق من قاعدة راسخة وهي الحفاظ على الوحدة الترابية للعراق من
أي تقسيم مزعوم خاصة في ظل الأصوات التي تنادي بضرورة انفصال إقليم الأكراد فهي تدرك أن قيام دولة
كردية في شمال العراق سوف يهدد المصالح العليا لتركيا وسوف يؤدي إلى تزايد حدة مطالبة أكراد تركيا
بإنشاء دولة لهم أو الانضمام إلى الدولة الكردية المزعومة كذلك كشف السياسة الخارجية نشاط من أجل منع
أي محاولة من هذا النوع.
2 - إن التنافس التركي الإيراني على المنطقة ظهر بشكل أكثر عمق في الشأن العراقي ولقد أدرك صانع القرار
الخارجي في تركيا أن مرحلة ما بعد صدام سوف تكون فرصة لإيران من أجل زيادة نفوذها مستغلة الجانب
المذهبي لذلك حاولت تركيا الوقوف في وجه هذا المخطط من خلال دئة الجهة الكردية من أجل التفرغ
للحد من النفوذ الإيراني، لكن رغم هذا النفوذ داخل العراق وأبعاد المسلمين السنة من المشهد السياسي العراقي
خاتمة...................................................................................................................................
162
لذلك نستطيع القول أن تركيا لم تتمكن بشكل كامل و الحد من النفوذ الإيراني إلا أا مازالت تحافظ على
بعض المكاسب.
3 - إن السعي والاهتمام البالغ من طرف صناع القرار بتركيا تجاه العراق يمتلك العديد من المقومات التي تجعله
دولة مهمة في المنطقة، خاصة أنه يعتبر معبرا تجاريا هاما وعصا لمختلف خطوط إمداد النفط لذلك فان النظام
السياسي في تركيا حاول أن يضمن مصالحه وسط هذه التجاذبات التي يشهدها العراق وان حماية المصالح
الاقتصادية ينطلق من أهم عامل وهو عامل الاستقرار السياسي والأمني ونظرا لأن العراق شهد انقلابا كبيرا
وحالة من عدم الاستقرار السياسي بعد سقوط نظام صدام حسين، فان تركيا كانت تدرك ضرورة مساعدة
العراق من الجانب الأمني و العسكري حتى يمكن للعراق استرجاع منه لكن الظروف الداخلية و العراقية لم
تسمح أن يشهد العراق استقرار وفي كل مرة تبرز مشكلة أمنية في مناطق شتى ولعل أخطرها، تعرض مناطق
واسعة من العراق إلى "سيطرة تنظيم داعش "، وهذه حالة أمنية غير مستقرة من شأا أن تكون عائقا حقيقيا
أمام العلاقات بين البلدين.
4 - كما يعد عامل النفط من أهم العوامل التي تحرك الكثير من سياسات الدول اتجاه بعضها البعض فانه اعتبر
من الأسباب الخفية التي جرت الولايات المتحدة وحلفائها في حرا ضد العراق سنة 2003 إذ تظاهر
الولايات المتحدة الأمريكية إن الهدف من حرا هو حماية أمنها وأمن العالم من خطر الإرهاب وخطر الأسلحة
النووية العراقية التي كانت تتحجج به قبل شن الغزو والحد من قدرات تنظيم القاعدة وتمكين الشعب العراقي
من العيش تحت ظلال الديمقراطية والتفكك من الديكتاتورية لكن رغم هذه الحجج في إقناع الأمم المتحدة
وبعض الدول الكبرى مثل فرنسا في المشاركة في الحرب والأكيد أن الدول العراقية لم تكن تملك أي قدرات
لرصد هذا التحالف وسقط النظام العراقي في أقل من شهرين من بداية الحرب وترك خسائر مادية وبشرية و
اقتصادية وتمكنت الولايات المتحدة الأمريكية من السيطرة على العراق والاستحواذ على حقول النفط وبذلك
فرضت واقعا سياسيا واقتصاديا جديدا.
5 - كما أن الواقع الجديد على المستوى الداخلي لتركيا المتمثل في التحسن والأداء الاقتصادي والسياسي جعل
صناع القرار يتطلعون إلى رسم رؤية واتجاه أكثر اتساعا خلال لعب تركيا إلى لعب دور إقليمي وظهور دولة
اقوي إقليميا في المنطقة لذلك بدأت السلطة التركية تم بقضايا الإقليمية القديمة أو المستجدة مثل القضية
الفلسطينية، الثورات العربي وأهمها الشأن العراقي خاصة بعد الغزو الأمريكي الذي كنت تركيا من أشد
الرافضين له نظرا للنتائج المتوقعة التي يمكن أن تنجر عنها والذي دفع بالمنطقة إلى إلى مجموعة من الصراعات
خاتمة...................................................................................................................................
163
الجهوية وكان تخوف تركيا واضحا المتمثل في الفراغ الأمني الذي ساد العراق من المطالب الكردية في شمال
العراق على الحدود التركية ولهذا تبنت تركيا سياسة خارجية حذرة ودقيقة اتجاه العاق من أجل منع أي محاولة
إعلان أي دولة كردية في الشمال .
6 - على الرغم من أن السياسة التركية تبنت سياسة "تصفير المشكلات" خارجيا إلا أن هناك بعض المشاكل
والملفات القديمة التي بقيت عالقة بين العراق وتركيا مثل: قضية المياه والحدود والسدود التركية التي أثرت على
تأمين حصص الماء للعراق لنهري الدجلة والفرات وقضايا جديدة أبرزها قضية الإرهاب وتوقيع عقود نفطية.
7 - إن هذه المعطيات التي ترسم سيناريوهات المحتملة للعلاقة بين تركيا والعراق اذ أن أفضل السيناريوهات
المتوقعة للنجاح للسياسة الخارجية التركية في تحقيق جملة من الأهداف أهمها :
- خلق استقرار أمني وعسكري في العراق من خلال القضاء على أشكال التراع الطائفي وكل أشكال
التنظيمات الإرهابية وتنظيم داعش .
- تحقيق مكاسب اقتصادية .
- الحفاظ على الوحدة الترابية العراقية ومنع أي محاولة للأكراد لانفصال عن الدولة الأم وأيضا الحد من
النفوذ الإيراني .
- في حالة حدوث أي انسحاب أمريكي قد ينتهي الأمر بلعب تركيا لدور أقوى بكثير في العراق كقوة
مكافئة في مواجهة إيران .
-تصفير المشاكل مع دول الجوار الجغرافي لتركيا، سيخرج هذا تركيا من مشكلات متواصلة مع جيراا.
8 - أما السيناريو الذي يخيف صناع القرار السياسي في تركيا هو غرق العراق في مستنقع للأمن وتزايد
الصراعات المذهبية وتمكين داعش من التواجد بشكل دائم على الأراضي العراقية وإمكانية تمددها إلى تركيا
وعجزها عن الوقوف في وجوه النفوذ الإيراني المستمر في العراق وأسوأ شيء هو تمكين الأكراد من الانفصال
وإعلان دولة في شمال العراق .
9 - فسياسة تركيا الخارجية تجاه العراق مبنية على الشد والجذب، فتسارع الأحداث وبروز متغيرات في
الساحتين الإقليمية والدولية تأثر في سياسة البلدين مستقبلا.