Abstract:
تمكنت منظّمة العمل الدّولية الممثّلة للحكومات والمنظّمات النّقابية للعمال وأصحاب العمل، ومقرها جنيف(سويسرا)، من فرض اتفاقية، في ظل تنفيذ لبرنامج واسع لخوصصة القطاع العمومي الاقتصادي في كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا، مع الشركات التّجاريّة متعددة الجنسيات تتضمن مفهوما جديدا ألا وهو: "المسؤولية الاجتماعية للشركة التجارية متعددة الجنسيات" التزمت فيها باحترام المعايير الدنيا في مجال التشغيل والاستخدام، والأجر العادل الذي تتساوى فيه المرأة والرجل، والتغطية الاجتماعية للأفراد والمستخدمين، والتمثيل النقابي. وهي المسؤولية الاجتماعية التي أصبحت أكثر من ضرورة لاسيما بعد إنشاء المنظّمة العالميّة للتّجارة(1994) التي تشرف اليوم، وبعد 23 سنة من مؤتمرها التأسيسي بالمغرب، على 98% من العقود التّجارية الدّولية. والمنظّمة العالميّة للتّجارة، باعتبارها ممثّلة للمصالح التجارية للدول الأكثر تصنيعا وحاميّة المصالح الاقتصادية والمالية للشركات متعددة الجنسية، سبق لها أن رفضت إدراج مفهوم "المسؤولية الاجتماعية" للشركات التجارية كبند ضمن العقد المؤسّس للمنظّمة العالميّة للتّجارة العام 1994، ومفضّلة اقتراح بديل عن "المسؤولية الاجتماعية" يتمثل في: " الشرط الاجتماعي"، وهو البديل الذي كان محلّ رفض من قبل ممثلي الدول النامية تتقدمهم دولة الهند بالنظر للطابع الإقصائي لهذا "الشرط الاجتماعي" المدعوم من طرف الدّول الأكثر تصنيعا في العالم (مجموعة الدول الثمانية). ويبقى البحث في المسؤولية الاجتماعية للشركات التجارية متعددة الجنسية أحد أهم مواضيع الساعة، ومادة للبحث والتحليل الأكاديمي والدراسات القانونية المقارنة على مستوى مراكز البحث ومن قبل الأساتذة الباحثين والمسجلين في الدكتوراه بغرض توضيح الطابع القانوني لهذه المسؤولية الاجتماعية للشركات التّجارية العابرة للقارات. إن الهدف من اختياري لموضوع المسؤولية الاجتماعية للشركات التّجارية في ظل التحوّلات العميقة على الصعيدين الوطني والدّولي، يعود لكون الشركات التجارية متعددة الجنسية أصبحت المشغّل رقم واحد في العالم، وبالتالي كان حرصي على تحليل طبيعة المسؤولية القانونية لهذه الأخيرة التي أصبحت تؤدي دورا متزايدا على صعيد التجارة الدّولية، وكمتعامل اقتصادي لا يمكن تجاهله، بالإضافة إلى اتساع قوة استثماراتها التي تتسابق الدول على استقطابها.
