Abstract:
لا شك أن قضية التطهير التي أثارها أرسطو كانت أولى النظرات التي تحدد علاقة المتلقي بالعرض المسرحي ،
فالمتفرج يتنقل إلى مكان العرض و هو يعلم يقينا أن ما يعرض عليه مجرد تمثيل و لكنه مع ذلك يتوهم زمن
العرض المسرحي أن الأحداث التي يراها حية واقعية فيتأثر بها و لو لمدة يسيرة .
و هكذا يتضح لنا أن جوهر وجود المسرح و ركيزته الأساسية هي الوهم أي إيهام المتفرج بحقيقة العرض ، و إلا
التي تعني اللعب بالشيء ، كما illudére من الكلمة اللاتنية illusion لما كانت العروض أصلا ، و أصل الإيهام
مما يدل أن العروض المسرحية لعبة يتقنها الممثلون و يشاركهم فيها المتفرج play أن الأنجليز يسمون المسرحية
( ، و بهذا تكون وظيفة المسرح اللعب بفكرة إيهام الحضور بحقيقة الأحداث ، و إلا لن يدخل الجمهور المسرح ( 1
لقد لوحظ فعلا أن الجمهور يصل إلى حالة من الانفعال يتجسد على صورة البكاء و الخوف في التراجيديا و كذلك
الضحك في الملهاة الكوميدية ، و قد حدث أن تأثر المتفرجون و أذرفوا الدموع الغزيرة بعد مشاهدتهم مسرحية "
فتح ميليتيوس " لفرونيخوس لأنها ذكرتهم باستيلاء الفرس على المدينة و عدم قدرة الآثينيين على حماية ميليتيوس ،
و بعد العرض فرضوا غرامة مالية على الشاعر و منعوا إعادة المسرحية .
إن علاقة المتفرج بالعرض المسرحي لا زالت إلى يومنا محل دراسة الباحثين لتحديد طبيعة العروض و موقف
المتلقي منها .
و لكن هل كان المسرح اليوناني يعتمد الإيهام بصفة تامة أم كان يدعو إلى التباعد بين الواقعة المسرحية و بين
الواقع الحقيقي الذي يعيشه المتفرج ؟