Résumé:
من خلال د ا رستي لموضوع مجلس المحاسبة بين رقابة المطابقة ورقابة نوعية التسيير
وبعد د ا رسة هاتين الرقابتين التي تستوجب ظروف ملائمة للقيام بها، حيث يمارس مجلس
المحاسبة هاتين الرقابتين وفقا للقوانين والتنظيمات التي تحكمه والمعمول بها، و بناءا على ذلك
تم التوصل إلى أن رقابة المطابقة مفادها خضوع حسابات المحاسبين العموميين والآمرين
بالصرف إلى مجلس المحاسبة، حيث يقوم بالتحري والاطلاع عليها وله في ذلك أن ينتقل إلى
أي مكان للقيام بعملية الم ا رقبة، وله أن يطلب أي وثيقة تساعده للقيام بعمله، حيث يقوم بنفس
الشيء بالنسبة إلى رقابة الانضباط في مجال تسيير المي ا زنية والمالية وذلك حتى تك ون أعماله
مؤسسة ومبنية على الشفافية، أما رقابة نوعية التسيير فتقوم على ضرورة أن تكون عملية
التسيير التي تقوم بها الهيئات الخاضعة له صحيحة وسليمة ولا يشوبها أي نقص أو إهمال.
إن الرقابة على الأموال العمومية تستوجب من مجلس المحاسبة إتباع العديد من الإج ا رءات
المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بمجلس المحاسبة و تنظيمه، حيث يجب أن تتمتع هذه
الإج ا رءات بالطابع الكتابي والفاحص وسرية، وتعتمد على مبدأ الوجاهة، وذلك لإضفاء طابع
الدقة والشرعية على الأعمال التي يقوم بها، وفي حالة وجود مخالفات أو تأخير في تقديم
الحسابات سواء بالنسبة للمحاسبيين العموميين أو في رقابة الانضباط في مجال تسيير المي ا زنية
والمالية يصدر المجلس عقوبات في شكل غ ا رمات، وللمتقاضي الحق في الاعت ا رض عليها
بالم ا رجعة أو الاستئناف أو النقض.
ويبدو ظاهريا، من خلال استق ا رء اختصاصات مجلس المحاسبة بأنه يتمتع بصلاحيات
قضائية وادا رية من شأنها تفعيل رقابته على المؤسسات والهيئات العمومية، لاسيما مع تعديل
20 ، إلا أن التمعن في مضمونها وكيفيات مباشرتها يرتب - 02 بالقانون رقم 02 - الأمر رقم 59
نتيجة مفادها وجود الكثير من الصعوبات التي تعيقه وتحول دون تأديته مهامه على أكمل
وجه، تظهر إلى جانبها نقائص عدة على المستويين القانوني والعملي، من شأنها أن تحد من
فعالية هذه الرقابة وأن تصادر عن الغاية المرجوة منها.
ولعل قصور الرقابة التي يؤديها مجلس المحاسبة يمكن إجمالها في الأسباب التالية :
- وجود صعوبات عملية ناتجة عن غياب قواعد صارمة تدعم رقابة مجلس المحاسبة
لاسيما تلك المتعلق بتوقيع العقوبات.
78
- عدم إعطاء أهمية لتقارير التي يعدها مجلس المحاسبة.
- عدم كفاية الوسائل المادية والبشرية التي يتوفر عليها مجلس المحاسبة، فتعتبر محدودة
جدا مقارنة مع حجم المهام الموكلة إليه، وهذا يؤثر بشكل سلبي على مستوى أدائه.
- عدم نشر أعمال مجلس المحاسبة وتحرياته في الجريدة الرسمية أو في المجلات
المتخصصة ليطلع عليها الجمهور.
- إن التوصيات والاقت ا رحات التي يصدرها مجلس المحاسبة أثناء قيامه برقابة نوعية
التسيير، هي غير ملزمة بالنسبة للهيئات التي صدرت من أجلها، فقبول هذه التوصيات
من عدمه متوقف على هذه الهيئات.
لتجاوز مثل هذه العوائق، فإنه ينبغي على المشرع الج ا زئري التدخل واعادة النظر في
بعض جوانب التنظيم القانوني الخاص بمجلس المحاسبة وذلك عن طريق :
- لا بد أن يكون هناك إل ا زم قانوني على كافة السلطات الإدارية بضرورة الرد على تقارير
الرقابة في مدة معينة.
- نشر تقارير الرقابة التي يجريها مجلس المحاسبة بصورة علنية في الجريدة الرسمية
بجميع تفاصيلها.
- منح مجلس المحاسبة الصلاحيات القضائية لمساءلة المخالفين للقانون، وتوقيع العقاب
المناسب عليهم.
- إل ا زم المؤسسات والهيئات العمومية بالأخذ بتوصيات وتوجيهات مجلس المحاسبة
وتكريسها على أرض الواقع.
- يجب أن ت وفر لمجلس المحاسبة الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لم ا زولة مهامه
والقيام بها على أكمل وجه.
- يجب أن يعمل مجلس المحاسبة على ترسيخ روح الحيادية للحفاظ على أعماله من
الآ ا رء الشخصية المسبقة والميول السياسي أو المصالح الشخصية.
- يجب أن يحرص المجلس دوما على تطبيق المنهجيات والمعايير المهنية واكتساب
معارف وتقنيات حديثة تؤهله لتوسيع نطاق تدخله إلى مجالات رقابية جديدة.
– تدعيم وتكثيف علاقات التعاون والتبادل مع الأجهزة العليا للرقابة المالية الأخرى والمنظمات
الدولية للرقابة.