Résumé:
يمكن القول أن فترة الحرب الباردة أفرزت تحولات في مجال الدراسات الأمنية و طورت مفهوم الأمن من الأمن الدولي إلى الأمن الإنساني و الأمن الإقليمي
و أفرزت تهديدات جديدة للأمن دفعت بالدول في الوقت الراهن إلى اتخاذ تدابير
و استراتيجيات لمواجهة هذه التهديدات و إرساء قواعد الأمن و السلم الدوليين .
إن ما يحدث في منطقة الساحل من حالة الاأمن يعود بالأساس إلى فشل و هشاشة الدول اقتصاديا، و كذا ضعف الأداء السياسي للمؤسسات الدستورية ،و غياب تام لصور الديمقراطية و عدم تحقيق التنمية المحلية، مما سمح بحدوث اضطرابات داخلية وظهور جماعات تطالب بحقوق سياسية واقتصادية و اجتماعية على اعتبارها مكون من مكونات الدول في تلك المنطقة، وبسبب إهمال دولها الأصلية لمطالبها و مشاكلها و تهميشها وقمعها. مما دفع البعض منها إلى النزوح داخليا و البعض الأخر لجأ إلى دول الجوار بحثا عن الاستقرار، و هناك من تحالف مع جماعات و حركات إرهابية و شبكات إجرامية مما اثر على دول المنطقة من جهة، من خلال تعرضها للانقسام مثلما حدث في السودان وسقوط نظام الحكم في ليبيا ،و ما يحدث حاليا في مالي من انقلابات عسكرية و تعاقب لحكومات مركزية، و تنامي نشاطات إرهابية و إجرامية و تحولها إلى كيان فاشل، من جهة أخرى أثر على دول الجوار خاصة الجزائر بحكم امتدادها و قربها الجغرافي لمنطقة الساحل الإفريقي ،و ارتباطها الثقافي و الحضاري بشعوب تلك المنطقة.
ففي ظل المشاكل و التهديدات الأمنية التي تعاني منها منطقة الساحل الإفريقي
و تداعياتها على أمن الجناح الجنوبي للجزائر، فان هذه الأخيرة مطالبة بإعادة النظر في علاقتها بدول الساحل، و كذلك سياستها الخارجية القائمة على رد الفعل و البرغماتية حيث تدخلت في إيجاد حل لأزمة شمال مالي و همشت أزمة ليبيا، مما فتح المجال أمام تدخلات أطراف إقليمية جواريه و أجنبية لدعم أطراف النزاع ،وخلق مبررات لتدخلها العسكري سواء باسم التدخل الإنساني أو باسم نشر الديمقراطية.
إضافة إلى أن الإستراتيجية الجزائرية الأمنية تجاه التطورات الراهنة في الساحل الإفريقي ركزت بشكل كبير على الجانب العسكري و أهملت بقية الجوانب الأخرى الاقتصادية و الإجتماعية وحتى الثقافية و الدينية.